حالة من البحث الدائم هو الإحساس الذي يصل إلى المشاهد الذي تقع عينه على أعمال الفنان النعمان فهو لا يتوقف عن استكشاف مصادر الطاقة في العمل ويسعى للغوص في أعماقها وخفاياها من خلال ثنائية الضوء والظل وكأنه يسعى لاكتشاف نفسه .. وهو يبرر وجود تلك المناطق في اللوحة التي تصدح بالضوء كأنما تريد أن تعلن عن وجودها، وتستمد من فيض أحاسيسه وخواطره ومشاعره وأفكاره ما يمكنها من نسج العناصر اللونية في اتجاهه أو تتفرق منه لينشر عليها ضياءه وكأنه يعيد بعث الكائنات من جديد، فتتحول في بعض الأحيان لأشكال مرئية مادية واضحة المعالم، وأحيانا أخرى أطيافا وهمية تتصارع داخل رحم الألوان لمولود جديد يتشوق للخروج. ولعل أبرز ما يظهر خبرة الفنان وفطنته في توظيف الألوان بشكل جلي، هو انتشارها بقوة كونها الجوهر الحقيقي في العمل فيخرجهم من حالة الصمت والهدوء والتأمل ليعود بهم في تضاد كنبض للحياة وحركتها الدائمة فيظهر حقيقة الأشياء كضوء يضاء ويضيء وبالتالي يساعدك على اكتشاف الطاقة الصحيحة للعمل وقراءته بوضوح خفي وبتعاطف وحنان، فيمتلكك بذكاء وحكمة. وفناننا أيضا يبحث في أعماله عن توازن بين الروح متمثلة في الألوان الفاتحة بطهارتها، وبين العقل بألوانه الداكنة وهرمونيتها، فأنتج تفاعلا طبيعيا بين الواقعي وفوق الواقعي مؤكدا استعمال السكين بمهارة وحرفية بتوظيفها في اتجاه حركة اللون بسحر يجذب المتلقي ويأسره فلطشاته القوية والجريئة باستعمال الألوان بكثافتها تدغدغ مشاعرك، وتظهر وجود لم يكن موجود فهي تجربة تستحق التأمل.