سار على نهج اخيه وتعلّم منه فن الكاريكاتير حتى اصبح ينافسه في هذا المجال ومايزال عمره 18 عاما, فاختاره الراحل مصطفى امين ليقدم رسوماته الى اخبار اليوم ليكون اصغر رسام كاريكاتير في مصر، انه الفنان محمد حاكم شقيق فنان الكاريكاتير الراحل حسن حاكم الذي يعد من افضل ثلاثة رسامي كاريكاتير في العالم. يتحدث محمد حاكم ل الجزيرة عن مشواره مع فن الكاريكاتير وشهرة اخيه وهل استثمرها في صعود سلم النجومية وكذلك تأثير فن الكاريكاتير في عالمنا العربي. سألناه في البداية عن المقارنات التي كانت تتم دائما بينه وبين شقيقه الكبير فقال: كنت دوما اتجنب المقارنة بيني وبين حسن، حتى انني كنت احيانا اقدم اعمالي للصحف دون ان يعرف احد صلة القرابة بيننا,, حتى جاء سفر حسن للكويت (حوالي 20 سنة) ليبدأ القراء في النظر الى رسوماتي بنوع من الاستقلال . هل يعني هذا انه كانت هناك عقدة الاخ الاكبر؟! ابدا لقد كنا دوما أصدقاء,, حتى اننا كنا نحبر لبعضنا البعض فانا وحسن نشأتنا واحدة رأينا الاقطاع وعايشنا الثورة وانحزنا للطبقات الفقيرة والمشروعات القومية العديدة. صاحب منهج سألته عن مصادر افكاره، فقال: الفنان قائد وليس تابعا، بمعنى ان الفنان بناء على قراءاته وثقافته وخبرته، تتبلور لديه وجهة نظر وايدولوجية معينة ينظر بوضوح عند وقوع حدث ما,, ولكنه لايصطاد في المياه العكرة اولا يتصيد اخطاء الآخرين، وهو في نفس الوقت ليس مصلحا اجتماعيا او سياسيا,, بل هو مجرد صاحب منهج فقد يكتشف الخلل ويحاول اصلاحه,, قد يكون ذلك عن طريق السخرية ولكن بالتأكيد بدون بذاءة. تميز حاكم في رسم الاسرائيليين,, انه لايرسمه كحاخام يهودي او رجل دين بل يرسم الاسرائيلي كمحتل داهية استطاع أن يغتصب ارضنا، فهو يفرق بين اليهودية كديانة سماوية يجب احترامها وبين الصهيونية كحركة استعمارية يجب التصدي لها فيقول: - ان اسرائيل التي تحتفل بمرور 50 عاما على الاحتلال تناست ان الصليبيين استمروا 480عاما ثم عادوا ادراجهم كما جاءوا,, فوجود اسرائيل في المنطقة وضع مؤقت,, ومنطق (الجيستو) سوف يأتي عليهم بالوبال في النهاية, الشارع اليهودي شارع متخلف واليهود الآن يعتمدون على مقولات عقيمة وبعض الخرافات والاسطاير. عطاء متواصل ورغم عمره الفني الطويل الذي يزيد عن الثلاثين عاما الا ان محمد الحاكم لايقيم المعارض في داخل مصر او خارجها,, ربما لانه لايحتاج مزيدامن الانتشار فيكفيه حب قرائه. ولكنه بالرغم من ذلك، يعد ضيفا دائما في كل معارض الكاريكاتير والفنون التشكيلية المقامة بمصر,, ومع اولى مشاركاته بالمعارض الدولية اقتسم الجائزة الثانية مع الفنان محمد اللبان في معرض رسوم العالم الثالث منذ عدة اعوام تم اختياره ضمن 55 رساما عالمياً للمشاركة في معرض للاطفال نظمته الامم المتحدة,, ثم اختاروا بعض رسوماته لتعرض في المعرض الدائم ببولنيا. ويرى ان عطاء الفنان مستمر، وانه - اي الفنان- لايحال الى المعاش ، وانما تحيله القوانين الى المعاش ويضرب مثلا ببيكاسو الذي ظل يرسم الى ان وصل الى عمر 95عاما. وبالنسبة للجيل الجديد، فان حاكم يحاول مساعدته بقدر المستطاع سواء بإبداء النصيحة او بتقديمه الى رؤساء التحرير والمسئولين في المجالات والصحف المختلفة ولكنه يرى ان الجيل الجديد (يحب المال)وينظر الكثير منهم الى مهنة الصحافة كوسيلة للحصول على شهرة او استثناءات معينة, ولاينسى حاكم ان يربط ذلك بالانفتاح الاقتصادي! فيقول ان فن الكارتون التليفزيوني عندنا غير دقيق ، ويحتاج الكثير كي يصل الى حرفية افلام والت ديزني وتوم وجيري مثلا ومع ذلك فانه يستبعد دخول التكنولوجيا الى الكاريكاتير الصحفي لان خطوط الكاريكاتير فيها مهما وصلت فلن يجد فيها القارىء الحسي الانساني. ثم تحدث حاكم عن الكاريكاتير واهميته في المجتمع واشار الى اهتمام الموساد الاسرائيلي بما ينشر في الصحف العربية من كاريكاتير نظرا لدوره وتأثيره في الناس. وعن فيلم (تيتي ورشوان) الذي قام بعمل رسوماته حسن حاكم ومصطفى حسين ولم ير النور حتى الآن، يقول محمد حاكم انه لايعرف عنه الكثير وان الفيلم موجود في العراق الآن, ووصف تجربة الفيلم الذي تبلغ مدته دقيقة ونصف انها كانت تجربة رائدة تبناها المخرج احمد بدر خان، والمؤسسة المصرية العامة للسينما. الدراسة والفن وبرغم انتمائه للمدرسة التعبيرية بحكم عمله، الا ان حاكم التحق بكلية الفنون الجميلة التي لاتشجع على رسم الكاريكاتير، فالكلية تدرس الفن الاكاديمي ورسم الاشياء (مضبوطة) كماهي فهم يرسمون الهوانم والشجر الجميل ويهربون عن الواقع ومرارته,, عكس الكاريكاتير ولعل هذاسبب تمرد حاكم على الكتابة لانه رأى ان امكانيات التعبير اكبر في الكاريكاتير. ولكن لماذا اختار كلية الفنون بالذات؟ يقول بعد تخرجي من كلية الآداب اردت معرفة الصلة بين الطباعة في الصحافة والطباعة في الفن,, فالتحقت بقسم الحفر بكلية الفنون الجميلة، واكتشفت ان الفرق بين الطباعة الصحفية والفنية انها في الاولى طباعة جماعية، اما في الثانية فإنها فردية. ويرى حاكم ان اكثر مايريح رسام الكاريكاتير، هو وجود رئيس تحرير ذي حس فني وواع وهو ما تحقق معه خلال رحلته الفنية في دور الصحف المختلفة, ومع ذلك نجده يصف رسام الكاريكاتير بانه رجل حاف يسير في طريق مليء بالمسامير والزجاج المكسور)! ويبقى ان محمد حاكم من النوع (النساي) فلذلك عندما تأتيه فكرة يسارع بتسجيلها في نوتة صغيرة قبل ان ينساها ولعله اصبح مألوفا على عائلته الصغيرة ان يدخل مسرعا من الخارج الى مرسمه ليرسم فكرة قبل ان تطير من رأسه! ذلك الرأس الذي كان سببا في عدة قضايا تنتظرها المحاكم,, ربما بسبب نقده الساخر، او تمرده وشقاوته او حتى تعبيره عن وجهة نظره.
محمد حاكم من الفنانين القلائل جدًا فى مصر الذى يستطيع عمل كاريكاتير بدون كلام، ومن خلاله يستطيع أن يعبر عن كل المشاعر الخاصة والتعبير عن كل أفكاره أو أفكار الآخرين ببساطة وذكاء غير عادى.. وقد شارك فى العديد من المعارض الدولية وحاز على العديد من الجوائز.
استطاع محمد حاكم أن يكون عنوانًا لمجلتى صباح الخير، وروزاليوسف.. فبعد توقف الكبار ورحيل جمعة إلى الأهرام.. كان محمد حاكم أحد الأعمدة الرئيسية للمؤسسة وقدم من وقته وجهده الكثير.
يرسم محمد وكأنه يعرف الطريق.. إذا كان الكاريكاتير فيه تعليق سوف يكون قريبًا من حوار الناس فى الشارع أو القهوة.. وإذا كان بدون تعليق سوف تجد فيه فلسفة العارف ببواطن الأمور والقارئ الجيد للأحداث.
وهو يرى أن الكاريكاتير ليس مجرد مادة للسخرية، ولكنه وسيلة من وسائل التعبير عن الناس، وهو يعتبر نفسه رسام الناس الغلابة.
.. ورغم أن محمد لا يصدق أنه بلغ القمة.. ودائمًا يتحرك للأمام.. ليلمس السحاب.
محمد الذى بلغ الـ80 ما زال يمارس الرسم وكأنه يلعب ويستمتع بكل من يقول له الله.. وينظر للسماء ليقول لأخيه حسن: «أصبح لى معجبين يتحدثون عنى بمحبة ولك أن تفتخر بنجاحى».